Log in Register

الرقابة على الشركات والدور الغائب

عند النظر في نتائج أعمال الشركات لعام ٢٠٢١، تجدها نفس الشركات تعلن كل عام عن تحقيق أرباح وتوزيعات على المساهمين، بينما تجد أكثر من ٧٠ شركة – وهي نفسها تعلن عن خسائر، وهبطت أسعار أسهمها إلى الحضيض، وهذه الخسائر تتكرر منذ سنوات طويلة.. يحدث هذا في الوقت الذي ترتفع فيه أصوات المسؤولين في المحافل الدولية بأننا دولة قانون ولدينا أنظمة للرقابة والمسؤولية والمحاسبة. ولكن، مع كل أسف وأسى، هذه القوانين والأنظمة غير مفعلة؛ حيث لم تقم أي جهة رقابية بسؤال إدارات هذه الشركات على مدى سنوات طويلة: هل لديها خطة لتجنب استمرار الخسائر؟ ودائما الجواب: (طبعا لدينا خطط)، ولكنها خطط شكلية وغير مدروسة؛ لأن الخسائر مستمرة وتتفاقم.

 

الكثير من هذه الشركات هي ضمن الشركات التي تمتلك فيها الجهات الرسمية، مثل الحكومة والضمان الاجتماعي ومؤسسة الأيتام حصصا كبيرة، فماذا فعلت دوائر الاستثمار لمحاسبة مدراء ومجالس هذه الشركات.. في أحسن الأحوال يتم إرسال كتاب للاستفسار، وليس مهما الرد، المهم أن يذكر في نهاية الكتاب: "ونثمن الجهود التي تقوم بها إدارة شركتكم". كما يجب عدم الاستماع لذريعة جائحة كورونا؛ لأن هذه الشركات كانت تحقق خسائر قبل الجائحة لسنوات طويلة!

 

فكيف تخسر الملكية الأردنية أكثر من رأس مالها حتى أصبحت القيمة الدفترية للسهم (سالب ١٩ قرش)؟ تستثمر الدولة في الملكية مبلغ ٢٩٠ مليون دينار لم يحقق هذا الاستثمار أي ربح للحكومة منذ أكثر من ٥٠ سنة! فأيهما أولى: البحث عن حل والتفتيش في أسباب الخسارات عبر العقود الماضية، أم البحث في جيب المواطن عن المزيد من الضرائب؟ للعلم لم تستفد الحكومة قرشا واحدا من هذا الاستثمار ولم يستفد المواطن كذلك، فلم تعلن الملكية ولو مرة واحدة عن حاجتها لتعيين موظفين (سوى مضيفين ومضيفات)، أي أن جميع التعيينات فيها لا تخضع لمعايير الشفافية.

 

وكيف تخسر صحيفة الرأي، وهي الصحيفة الأولى في الأردن، وكيف يتم اختيار إداراتها ولماذا لم يتم سؤالها عن خططها لمواكبة التطورات التكنولوجية العالمية في مجال النشر والاعلام، حتى وصل سعر السهم ١٥ قرش؟ علما بأن الخسائر ناتجة

وكيف تخسر شركة المقايضة للنقل، وهل التي تملك أكبر أسطول نقل في المملكة يضم مركبات تصلح لمختلف غايات النقل التي تحتاجها المؤسسات الحكومية أو الخاصة أو الدولية في الأردن وخارجه.

وكيف تخسر شركات تؤجر مساحات وهناجر للمصانع، وجميع هذه المساحات مشغولة بالكامل، مثل شركة التجمعات الاستثمارية المتخصصة التي تأسست عام ١٩٩٤ ولم توزع قرشا واحدا على المساهمين منذ تأسيسها؟ وشركة العصر للاستثمار التي أصبحت مثقلة بالديون لشركات الوساطة المالية حتى تنازلت عن بعض أراضيها لصالح إحدى شركات الوساطة؟

وكيف تخسر شركة الضامنون العرب للتأمين، رغم أن حصة كل شركة تأمين في السوق محفوظة، وتزيد كل عام ولا تنقص.

وكيف تخسر شركة الأنابيب الأردنية التي تأسست عام ١٩٦٩ تمتلك مصنعا رائدا في صناعة المواسير الحديدية على اختلاف انواعها ومقاييسها ومنتجاتها تباع داخل الأردن وخارجها؟ والدليل أن المصنع لم يتوقف عن العمل، بل وتتوسع الشركة إلى مصنع جديد لصناعة الأنابيب البلاستيكية كي تواكب التطورات الحديثة في صناعة الأنابيب، ورغم ذلك تخسر.

وكيف تخسر شركة رم للنقل، وهي التي توسع أسطولها كل عام بمزيد من المركبات؟

وكيف تخسر شركة الترافرتين، التي تعمل قطاع المعادن والتعدين المتنوعة، وقد تأسست عام 1996.

 

وكيف؟ وكيف؟.. والقائم تطول!

لماذا تستمر هذه الشركات في نفس النشاط والصناعة إذا كانت فعلا غير مجدية ولم يعد هناك طلب على منتجاتها؟ فإما أن تتحول إلى غايات ومنتجات جديدة وإما أن تغلق أبوابها تجنبا للمزيد من الخسائر وتضييع حقوق المساهمين. أو كما تقول الحكمة الأجنبية Forget your brand. ولماذا تتمسك مجالس إدارات هذه الشركات بمكانها بما فيهم المدير العام؟ هل الهدف هو حرصهم على تحقيق المزيد من الخسائر؟ أم لأسباب أخرى ربما تتعلق بأسرار الصناعة؟ وربما (المخفي أعظم)؟

 

لا بد أن هناك أسباب وراء السكوت على هذه الخسائر! وبناء على الأرقام الواردة في البيانات المالية المنشورة لهذه الشركات، فإن الرؤية المستقبلية لهذه الشركات أنها ستستمر في الإعلان عن المزيد من الخسائر في السنوات القادمة، خاصة أن مجالس إدارات هذه الشركات لا يملكون خطة عملية لإنقاذ الشركة وسلموا أمورهم لمديرها العام. صغار المساهمين في هذه الشركات ليس لهم صوت مسموع، حتى لو تجمعوا وامتلكوا النصاب للتغيير، فإن الجهات الرقابية ليس لديها إرادة لتفعيل القوانين لتغيير المجالس التي تستغل هذه الشركات لمصالحها الخاصة. معظمهم المساهمين في هذه الشركات يعتمد عليها كدخل، وتقاعد، ومن واجب الحكومة أن تحميهم وتحمي أموالها لوقف هذا الانهيار.

 

المصدر: مركز عيون لتنمية المجتمع المحلي 

 
 

Contact us

Queen Rania Street

36, Amman 11941, Jordan

M: +962 782768400

Email: srd@srd.edu.jo

Our Location

Copyright © 2025 SRD Center. All Rights Reserved.